اخبار اقتصادية

اليورو – العملة الجديدة المفضلة للتمويل.. تحليل أسبوعي

شهد الأسبوع الماضي تحولاً في النظرة المستقبلية لليورو. فمنذ فترة ليست ببعيدة ساد الاعتقاد بأنه إذا تمخضت قمة الإتحاد الأوروبي عن نتائج تفوق توقعات الأسواق واتخذت هذه القمة خطوات لعلاج المحنة المالية التي تعاني منها إيطاليا وأسبانيا ودفع الاستقرار فيها، فإن اليورو EUR قد يرتفع بعد انخفاض في مخاطر الائتمان في المنطقة. بيد أن هذا لم يحصل، ففي الأسبوع الذي أعقب نهاية قمة الاتحاد الأوربي انخفض اليورو بنسبة 2.5% في مقابل الدولار الأمريكي USD . أضف إلى ذلك أن عوائد السندات الأسبانية والإيطالية قد ارتفعت بشكل حد منذ بداية الأسبوع وفي وقت كتابة هذه السطور كانت عوائد السندات الأسبانية تداعب مستوى 7% والذي يقترب من حيز الحاجة للإنقاذ.

إذن لماذا جاء هذا البيع الجماعي للعملة الموحدة؟ لا نعتقد بالضرورة أن هذا كان بسبب الإحباط الذي أصاب الأسواق عقب قمة الإتحاد الأوروبي. فقد قدمت القمة في الحقيقة أكثر مما توقعه السوق عمومًا وهو ما شمل وضع خطوات نحو إقامة اتحاد مصرفي، ودفع مرونة أكبر في صناديق إنقاذ آلية الاستقرار الأوروبية/آلية الاستقرار المالي الأوروبي ESM/EFSF، كما قد يتخلص الاتحاد من الفقرات الخاصة بالأقدمية في قروض الإنقاذ المقدمة للبنوك الأسبانية. ورغم أننا بحاجة لمعرفة المزيد من التفاصيل، خاصة بشأن تمديد العمل بصناديق الإنقاذ ESM/EFSF، فقد قدم ذلك تغييرًا أكثر هيكلية (وإن لم يصحبه تمويل إضافي) عما شهدناه في أي من القمم الطارئة الـ 18 التي عقدها الإتحاد الأوروبي.

وبدلاً من ذلك، نذهب للقول بأن عمليات البيع الجماعي في الأسواق المعتمدة على اليورو قد هبطت بسبب عاملين: 1) أن البنك المركزي الأوروبي ECB لم يقدم أي مقويات للسوق بخلاف خفض سعر الفائدة في اجتماعه يوم الخميس، و 2) علاقة التوتر القائمة بين ساسة الاتحاد الأوروبي، خاصة ساسة الكتلة الشمالية، ونحن لا نحبذ فكرة تمديد صلاحيات الـ ESM/EFSF كما أننا ضد التخلص من شرط الأقدمية في قروض الإنقاذ الأسبانية.

وقد اجتمع المركزي الأوروبي يوم الخميس وأصدر تعليماته بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى مستوى 0.75% (وهو أقل المستويات التي تم تسجيلها منذ إقرار العملة الموحدة). كما خفض البنك كذلك سعر الفائدة الذي يدفعه للبنوك التي تودع أموالها لدى المركز الأوروبي إلى نسبة صفر% في مسعى منه لدفع الإقراض في الاقتصاد الأوسع. ومع ذلك، فقد لا ينفع هذا الإجراء. لقد كانت البنوك الأوروبية تودع مبالغ مالية ضخمة لدى البنك المركزي الأوروبي، وبخفض أسعار الأفئدة فإن مكسبها سيهبط للصفر بشكل يؤدي لتآكل ربحيتها. أضف إلى ذلك أنه في فترة تشهد حالة من التقشف، فإن هذا الإجراء ليس ضمانًا بأن ترغب البنوك في الإقراض، خاصة إلى العملاء الأكثر خطورة، أو أنه سينشأ طلب على القروض في الوقت الذي تبدو فيه توقعات النمو غائمة للغاية وبلغت فيه نسبة البطالة في المنطقة أكبر مستوى مسجل وهو 11.1% في شهر مايو.

وقد فشل المركزي الأوروبي في أن يعلن، أو حتى يلمح، بأنه سيتبنى تدابير أكثر غير معتادة لمواجهة هذه الأزمة. ولم يأت أي ذكر لجولة ثالثة من عمليات إعادة تمويل طويلة الأجل LTRO، ولا أي مؤشر على أي تيسير كمي أو استئناف لشراء السندات من خلال برنامج سوق الأوراق المالية SMP. وجوهريًا، ترغب الأسواق من المركزي الأوروبي أن يكون بمثابة جسر يصل من الضفة التي نوجد فيها اليوم (اتحاد معطوب يعاني من مشكلة خلل ائتماني كبير) إلى الضفة الذي نرغب في أن نكون فيها في المستقبل – أي شاطئ الاتحاد المالي. وسيستغرق هذا وقتًا كما سيحتاج الساسة لبحث تفاصيل ، وهو ما قد يستغرق شهورًا، وبالتالي، فقد توقعت الأسواق إجراءات أكثر جذرية من المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي. ولا نعتقد أن البنك المركزي الأوروبي سيقوم في النهاية بإعادة تشغيل برنامجه لسوق الأوراق المالية إذا ما تحركت عوائد سندات منطقة اليورو لأعلى، لأنه فشل في القيام بذلك يوم الخميس، هذا فضلاً عن الضغوط المتصاعدة على عوائد السندات الأسبانية والإيطالية في نهاية الأسبوع الماضي.

كما ذكرنا كذلك علاقة التوتر بين الساسة التي قد تضر بمستويات الثقة والمعنويات. فقد تحدث وزير المالية الألماني يوم الجمعة وقال أنه لا توجد إمكانية لتقديم مساعدة لأعضاء منطقة اليورو دون أن يصحب ذلك بعض الشروط، وهو أثار شكوك حول “إنجاز” القمة الذي تمثل في أن تقوم صناديق إنقاذ EFSF/ESM بإعادة رسملة البنوك أو شراء الديون السيادية بدون الاضطرار لفرض برامج تقشف صارمة. وعليه، فلن تكون هناك أموال غير مشروطة من أقوى اقتصاديات أوروبا.

إذن، ما آثار ذلك على اليورو؟ يميل اليورو للهبوط عندما تصعد المخاطر الائتمانية، ومن ثم فقد هبط زوج اليورو/دولار أمريكي EURUSD مرافقًا للارتفاع في عوائد السندات الأسبانية والإيطالية. أضف إلى ذلك أن البنك المركزي الأوروبي لم يتخذ أي إجراءات لخفض المخاطر الائتمانية في تكتل العملة الأوروبية، وذلك ليس على المدى القصير على الأقل، وبدلاً من ذلك أجرى خفضًا كبيرًا على أسعار الفائدة. وهذا ما أدى إلى تآكل فارق العوائد لليورو، ونظرًا لأن العوائد هي المحرك الأساسي لسوق العملات الأجنبية (الفوريكس)، فإننا نرى أن انخفاض أسعار الفائدة هو مؤشر على ضعف اليورو على المدى من القصير إلى المتوسط.

وقد هبط مؤشر Eonia Swap لسنتين (والذي يستخدم لتسعير قيمة اليورو في أسواق المبادلات) بشكل حاد على خلفية الأخبار، وهو ما يبدو أحد الأسباب الرئيسية للضعف الذي انتاب العملة الموحدة. وقد تضاءل فارق أسعار الفائدة بين ألمانيا (باعتبارها المقياس لمنطقة اليورو) وبين أسعار السندات البريطانية بشكل حاد منذ يوم أمس، مع قيام المركزي الأوروبي والمخاطر الائتمانية لدول الأطراف بدفع تدفقات الملاذ الآمن إلى السندات. وهذا ما يضغط على زوج اليورو/باوند بريطاني EURGBP، وقد شكل مستوى 0.7980 أحد مستويات الدعم الرئيسية؛ وحيث أنه قد تم اختراق هذا المستوى فإنا نتطلع إلى مجموعة كبيرة من المستويات الدنيا لعدة سنوات لهذا الزوج ربما نحو مستوى 0.7750 في الأجل القصير.

كما جاء فارق أسعار الفائدة بين ألمانيا والولايات المتحدة سلبيًا على اليورو، ولأننا نتوقع أن تمسك الاحتياطي الفيدرالي بسياساته لحين اجتماعه في  أواخر يوليو/ أو مطلع أغسطس فإننا نعتقد بأن خسائر اليورو/دولار أمريكي EURUSD قد تستمر لفترة، وأصبح مستوى 1.2280 هو أكبر مستوى دعم تال، والذي يشكل أدنى مستوى من مطلع يونيو. وعند أقل من هذا المستوى سينفتح المجال أمام الوصول إلى 1.20 – وهو أدنى مستويات إبريل 2010. وقد زادت عمليات بيع اليورو، لذا فقد لا يكون الهبوط متساويًا ، ومن ثم، فإننا قد نشهد بعض التراجعات، خاصة إذا ما أتت سياسة الاحتياطي الفيدرالي ناعمة خلال الأسابيع المقبلة. ومن المرجح أن يكون مستوى 1.2450 هو أبرز مستويات المقاومة قبل   أن تبلغ مستوى1.2620.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى